وثائـــــــق ويكيليكـــس وتعريــة الحلفــاء عنقـود يــــا
د.نسيب حطيط
قال الوزير الأميركي الأسبق كيسنجر(ليس لأميركا حلفاء ..بل مصالح) وإذا كان فضح الحلفاء مصلحة أميركية ،فلن تتردد في التخلي عنهم كما فعلت مع شاه إيران وصدام حسين بعد توريطه بالحرب على إيران والكويت .
ولا بد من قراءة تحليلية للوثائق من حيث التوقيت والمضمون والأهداف بأسئلة عاقلة لإستنقاذ الجمهور من التضليل و التلاعب الفكري.
والسؤال البديهي ... هل حقا" أن "أسانج" مدير موقع ويكيليكس قرصان إستطاع إختراق منظومة الأمن المعلوماتي الأميركي ،وسرب ما يقارب 750000 وثيقة حتى الأن حول أفغانستان والعراق والعالم ، أم أن (السي آي أي )هي التي سمحت بنشر هذه الوثائق؟!.
والسؤال الثاني.... لماذا استبعدت الوثائق الأمور الأمنية والعسكرية المتعلقة بالمخططات والحروب والاغتيالات الأميركية والإسرائيلية ،واقتصرت على الثرثرة السياسية بين الدبلوماسيين الأميركيين والحكام و السياسيين التابعين ؟!.
ويطرح التوقيت شكوكا حول الهدف الحقيقي ،خاصة وأن التمدد الأميركي بواسطة الغزو يتراجع على أعتاب الإنسحاب من العراق وأفغانستان ،وتعثر الضربة العسكرية ضد إيران والتردد بشن حرب إسرائيلية على لبنان وغزة، فتؤدي الوثائق دورها في تأسيس الشرق الأوسط الجديد،من رحم الفتن المذهبية والطائفية والقومية لخلق دويلات ضعيفة ،تثبت إسرائيل في موقع السيطرة ويحميها من الخطر والإستنفار منذ حرب 2006.
واعتمدت أميركا على منهجية القنابل العنقودية الكثيفة الإنتشار ،لتغطية كل الساحات السياسية لتفجيرها ذاتيا بين المتحالفين مع المشروع الأميركي والمقاومين له لإضعاف الجميع ، ،فالحلفاء سيلوذون بأميركا للإحتماء من ثأر المقاومين ، ، والمقاومون سيضعفون نتيجة إستنزافهم في معارك داخلية ويظهر ذلك في التسريبات التالية:
- لبنانيا تظهر الوثائق موقف قوى 14 أذار المعادي للمقاومة والمتعاون بشكل مباشر أو غير مباشر مع الأهداف الأميركية والإسرائيلية ،سواء بالسماح بالمسح الجوي أو شبكة الإتصالات أو المحكمة الدولية كأداة بديلة عن الحرب العسكرية لحصار المقاومة وتحجيمها مما يؤسس لفتنة داخلية عبر نشر أسماء المسؤولين اللبنانيين ومواقفهم والموزعين على أساس طائفي(مسيحي – سني – درزي) مما يشكل بديلا احتياطيا للقرار الظني الذي استنفد مفاعيله الفتنوية خلال الأشهر الأخيرة نتيجة الحراك الأقليمي، خاصة السوري – السعودي.
- فلسطينيا" تظهر الوثائق دور السلطة الفلسطينية والنظام المصري وتعاونهما في ضرب حركة حماس وحصار غزة إضافة إلى تسريب موقف حماس الإيجابي من الإعتراف بإسرائيل بما يتناقض مع مواقفها المعلنة .
- عراقيا" تصب الوثائق الزيت على نار الفتنة السنية – الشيعية وتبرئ الإحتلال الأميركي من مسؤولياته عن المجازر والفوضى العراقية وتسعى لحصار المالكي وتأييد علاوي والتي لم تؤت ثمارها في الحكومة العراقية.
أما على صعيد الموقف العربي ونقل وجهة العداء من إسرائيل باتجاه إيران التي تظهر الوثائق نجاح المساعي الأميركية بتحويل إيران كعدو أول أساسي للعرب بديلا" عن إسرائيل التي تحتل فلسطين والقدس(أولى القبلتين)والجولان ومزارع شبعا اللبنانية ،فيظهر الخوف العربي من القوة النووية الإيرانية المفترضة ،بينما لم يحرك العرب ساكنا" منذ عقود بمواجهة الترسانة النووية الإسرائيلية المجاور للحدود المصرية.
إن العبرة الأساسية من وثائق ويكيليكس هي وجوب أن يستيقظ المراهنون حكاما" وقوى سياسية من أوهامهم بأن أميركا التي اقتلعت الهنود الحمر وهجرت المسيحيين من العراق وإسرائيل التي اقتلعت الفلسطينيين من وطنهم وهجرت المسيحيين ، لا يمكن أن تشكلا ضمانة للعدل وحقوق الإنسان ،فمن كذب في أسلحة الدمار الشامل سيكذب في المحكمة الدولية،ومن تخلى عن شاه إيران سيتخلى عن 14أذار وغيرها إذا اقتضت المصلحة ،ذلك فالسياسة الأميركية لا تحكمها الأخلاق والمجاملات بل تحكمها المصالح وأن تبقى أميركا سيدة العالم وإسرائيل سيدة الشرق الأوسط وحتى يكون ذلك سيبقى الجميع بمرتبة العبيد.
فهل سيستيقظ المضللون أو الواهمون.... أو نسقط في الفتنة؟!.